شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
33321 مشاهدة
باب مثل المسلم كمثل النخلة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: مثل المسلم كمثل النخلة.
عَنْ عبد الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ شِبْهِ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا .


في هذا الحديث ذكر ابن عمر أنهم كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجمار فأكل منه، ثم قال: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المؤمن وفي هذا الحديث أنه قال: إنها مثل للمؤمن في أنها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فابن عمر وقع في نفسه أنها النخلة، والحاضرون أخذوا يذكرون شجر البوادي شجرة السدر أو شجرة السرح أو كذا وكذا، فلما لم يعرفوها أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنها النخلة. أخبر ابن عمر أباه بما وقع في نفسه، وقال: إني استحييت أن أتكلم لما رأيت أبا بكر عمر لا يتكلمان، وعمر يشجعه قال: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا؛ يحب أن يبرز ابنه، وأن يظهر له فهم وإدراك.
ففي هذا الحديث أنه شبه المؤمن بشجرة النخل، ولعل وجه الشبه كثرة المنافع فيها؛ فإن نفعها كثير؛ فإن ثمرها غذاء وقوت يقتات به، وهو من أنفع الأغذية تمرا ورطبا وبلحا، ومنه أيضا يؤخذ دبس ونواها .. أو تعلف به الدواب، وكذلك خوصها يعمل منه الحصر والفرش والزماميل والأواني.
وكذلك جريدها يصلح عصيا وسياطا، ويجعل في سقف المباني، وكذلك أيضا يوقد به، ويصلح وقودا وكذلك ليفها تعمل منه الحبال ونحوها؛ فمنافعه كثيرة.
فكذلك المؤمن منافعه كثيرة؛ يعني أنه عبادات بقلبه، عبادات بلسانه، عبادات بيديه وبرجليه وبسمعه وببصره عبادات بماله يعني أن هذه كلها منافع، كذلك أيضا ينفع المؤمنين إخوته، ينفعهم بنصيحته ينفعهم بيديه، ينفعهم بلسانه ينفعهم بإشارته وببدنه، فمنافعه كثيرة كما أن منافع النخلة كثيرة، فهذا بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب ضرب الأمثلة حتى تقرب الأشياء إلى الأفهام. نعم.